الثلاثاء، ١٦ أبريل ٢٠١٣

لا أعرف...

و كانت كلما قرأت قصاصاته القديمة تملكها شعور لم تفهمه .. هل تغار عليه من هذه السنوات التي قضاها بعيداً عنها .. من البشر الذين عاشرهم قبل أن تعرفه .. من كلماته التي أطلقها لغيرها .. من مجرد الحياة بدونها ...
أم كانت تلوم نفسها أنها لم تكن بجانبه .. لم تعتني به .. لم تحافظ عليه .. تركته لجراحه .. تركته مُتعباً.. تركته لآلام الطريق وحيداً أو حتى بصحبة غيرها .. لم يكن الأمر يختلف كثيراً .. هي تركته لعناء البحث عن الحق متخبطاً .. لم تكن بجانبه و هو يناضل من أجل البقاء حتى يعرف .. كان الطريق موّحشاً .. و حملت كلماته حزناً .. لم يدرك قيمة نفسه و لم يعرف أنه خلق ليكون سعيداً .. نعم ظل سائراً حيث كان الطريق معتماً .. حيث كان يتحسس خطواته محاولاً الوصول...

هي لا تعرف أن تحدد هذا الشعور .. و لا تستطيع أن تصفه .. لا تعرف يقيناً سوىَ دموعها التي تنهمر كلما قرأت كلماته القديمة...

كانت تشرد حينما يتكلم عن أية تفصيلة لماضيه..
و حينما كان يسألها ما بك ؟
كانت تجيب لا أعرف !..
حقاً هي لا تعرف ...

خاطرة رمضانية .. (رمضان 1433 من الهجرة)

أستلقي على ظهري بين ركعاتِ القيام .. أنظُر للسماء بنقائها و رهبتها ووسعها .. يُزينها قمرٌ مضيء و نجوم مُتناثرة هُنا و هُناك .. هذه نسمة هواء صيفي رائعة تهب على المكان لتنعشه.. يمر بي مجموعة من الأطفال الراكضون بضحكهم المُبهج.. يتوقف أصغرهم ليبتسم لي .. فأٌداعبه .. يضحك و يعاود الركض .. فأعاود النظر للسماء .. أغمض عيناي لأنتقل لسوريا بروحي فأري سماء لا يرحمها القصف فلا تكاد تراها سوى مُلبدة بغيومِ الدُخان.. هواء برائحة الموت يهُب من هُناك .. أطفال نسوا الضحكة منهم من يصرخ أو يبكي أو ينادي على والداه.. فتدمع عيناي و أفتحهما بيقين .. فإن الحقَ هُناك جليّ .. إن الحقَ هُناك جليّ...

لا تبتعد أبداً...

ما هذا الضوء المُفاجئ القوي .. و من أين آتى؟ آه نعم .. أهذه هي الشمس التي سمعت عنها كثيراً ؟! ..و ما كل هذا.. ؟ أهذه هي الألوان التي يتحدثون عنها ؟ أهذا هو الأزرق ؟ فما هذه المساحة الزرقاء الجميلة .. أهذا ما يطلقون عليه البحر ؟ .. و ما هذا الغطاء الشاهق البديع للكون .. أهي السماء ؟ و ما هذا الشعور .. هل هذا ما كان يتحدثون عنه و يصفوه بالأمان .. و ما هذا المقترن بالأمان ؟ أهي الطمأنينة ؟! و من هؤلاء البسطاء رثِّ الثياب الذين يضحكون و نشعر وسطهم بهذا الأمان .. أهؤلاء هم من لم تتلوث إنسانيتهم ؟ و هذا الطفل الذي يضحك و يجري.. أهو "الإنسان" في قمة براءته و على فطرته ؟ و ما هذه الكائنات التي تحيط بنا فنشاركها طعامنا و نضحك .. نعم نعم أتذكرها الآن .. هي القطط .. هي أُمة مثلنا صحيح ؟ ما أبدعهم ... و ما هذا اللون .. أهو اللون الأخضر ؟ أهذه هي الخضرة ؟ أهذه هي الطبيعة ؟ .. يا الله .. كيف لم أشاهدها بهذا الشكل سابقاً !

إذاً أهذه هي الحياة ؟ أتدري أنني لم أكن لأعرفها يوماً لولاك !

أما أنتَ .. فلن أسألك من تكون .. سأسألك فقط لماذا تأخرت ؟ قد عرفتك في عالم الذر .. و إنتظرتك طيلة عُمري بالدُنيا .. فبحق هذا الغياب الطويل .. لا تبتعد أبداً ...