السبت، ٢٢ سبتمبر ٢٠١٢

خاطرة سريعة لمعنى الحياة..

و عند خروجك من فكرة تمركز الكون حولك و تمركزك أنت حول نفسك .. إلى تمركز الكون حول أمتك و تمركزك أنت حول مجتمعك... تكن قد تقدمت مليون سنة ضوئية إنسانياً... و تكن قد تكشفت لك أحد سُبل الحياة..

قصتي مع "ممر التنمية و التعمير" .. و إستعراضي للكتاب و المشروع..


 
لهذا الكتاب قصة معي..
فقد كُنت مقتنعة بفكرة المشروع منذ زمن .. و أردت الحصول على الكتاب الذي لم أعلم أين يمكن أن أبتاعه من الإسكندرية .. حتى جائت أحد معارض الكتب عام 2010 .. و كان لدار العين فرع بها فذهبت لإقتناءه..
توجهت لدار العين بالمعرض .. و سألت البائع عن الكتاب.. فما كان منه إلا أن تعجب قائلاً أنه لا يوجد الكثير ممن يسأل عن هذا الكتاب .. فتبسمت ..
فقال: أصل المشروع ده عمره ما هيتنفذ ..
قلت له: لماذا ؟
قال: إنتي مش شايفة إللي حاصل في البلد .. النظام مش هيسمح بإقامة مشروع إستراتيجي كهذا فيه نفع للبلد و الناس..
فقلت له: المشروع ده هيتنفذ.. لأن النظام ده هينتهي قريب.. و هيحصل تغيير مهما آبوا..
فقال: أنا أول مرة أشوف حد مقتنع بالمشروع ده كدة .. و يا رب إللي بتقوليه ده يحصل .. أتمنى
قلت له: هيحصل إن شاء الله :)

لا أنسى هذا الحوار أبداً .. و لن أنساه أبداً إن شاء الله ..
كيف أنسى أنه بعد عام شاء الله أن يُعيننا على إسقاط النظام..

و لكن ما أحزنني و أدمع عيناي أنه حتى الآن لا يوجد حوار مجتمعي صادق تجاه هذا المشروع .. أعتقد أن المسئولية أصبحت علينا أن نفتح أعين النظام الجديد على هذا المشروع .. و أن نجبرهم على تنفيذه ..
فقد عُرض هذا المشروع أيام السادات .. و عُرض أيام مبارك.. و لم ينفذ بالقطع في كلا العهدين البائدين فهل ينفذ في عهد ما بعد الثورة ؟
إنه دورنا الآن لنتحرك من أجل مستقبل مصر و مستقبل أجيال قادمة..


إستعراضي للكتاب:
يبدأ د. فاروق الباز كتابه بإهداء إلى شباب مصر سائلاً إياهم السعي الدؤوب لجمع المعرفة التي تؤهل الثقة بالنفس و الولاء للعمل، و التعرف على بقاع وطنهم الذي يرسخ الإنتماء للوطن و الإخلاص لرفعته..

ما هو ممر التنمية و التعمير؟

1- محور طولي للسير السريع بالمواصفات العالمية يبدأ بالقرب من العلمين و يستمر حتى حدود مصر الجنوبية بطول 1200 كيلو متر تقريباً.

2- إثنى عشر محوراً من الطرق العرضية التي تربط الطريق الرئيسي بمراكز التجمع السكاني على طول مساره بطول كلي حوالي 1200 كيلو متر.

3- شريط سكة حديد للنقل السريع بموازاة الطريق الرئيسي.

4- خط كهرباء يؤمن توفير الطاقة في مراحل المشروع الأولية لحين تيسير مصادر الطاقة المتجددة الإنمائية مستقبلاً.

و يؤكد د. فاروق الباز خلال صفحات الكتاب على وجوب البدء أولاً في تنفيذ المحاور العرضية .. قبل المحور الطولي .. فالمحاور العرضية هي عصب المشروع و التي ستؤدي للإنماء غرب النيل و بالتالي نقل الناس بالتدريج للغرب و بداية المشاريع كافة..
كما يؤكد على إنه مشروعاً قومياً لذا يتوجب على طلبة الجامعات الإشتراك به و بدراساته .. و على طلبة المدارس أنفسهم أن يقام لهم مسابقات لإختيار أسامي المحاور و القرى و المدن الجديدة.. حتى يشعر المجتمع أن هذا فعلاً مشروعه و هو مشترك فيه و في إقامته..

كما يتطرق د. فاروق الباز في نهاية الكتاب لكل الآراء الناقدة للمشروع بكل سعة صدر .. و يرد عليهم بكل تهذيب و بإسلوب علمي .. و أنا شخصياً لا أعتقد أن هناك من يعترض على المشروع برمته إلا حاقد أو فاسد .. فهذا المشروع قام بدراسته عُلماء كُثر .. و جائت بيانات صحراء مصر عن طريق الرحلات المكوكية لناسا .. و قام بدراسة جيولوجيا التربة بعثات جيولوجية أشرف عليها د. فاروق الباز نفسه.. حقيقةً هذا هو مشروع الوطن الذي نلتف حوله .. من عالمٍ يُكرر قولة والده الأزهري "أن من يمتلك علماً عليه أن يعلمه للناس و إلا لا نفع لعلمه" و أنه ما يبتغي مصلحة شخصية.. ما يبتغي سوىَ أن يقدم شيئاً لمصر و أبنائها..

يختم الكتاب د. فاروق الباز قائلاً:
"أقر مرة آخرى بأن جيلي قد فشل فشلاً ذريعاً في تحقيق اي من هذه الآمال. إذا ما إتضح ذلك، فلا مكان لجيلي في قيادة هذه الأمة و يجب أن يتنحى. يلزمنا جيل أكثر حيوية و نشاطاً أقل سناً يتصف بالشجاعة و القدرة على الريادة لينتشل الوطن من الوضع المأسوي الحالي..."



بارك اللهُ لنا في عالمنا الجليل د. فاروق الباز.. و أكثر من أمثاله في الوطنية و الإخلاص.

إما الكمال أو لا شئ ؟

أحد ضالاتي وجدتها في حديث رسولنا الكريم صلوات الله و سلامه عليه..
"اِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ اَحَدٌ اِلَّا غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَاَبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنْ الدُّلجَة."

فقد كُنت أتسائل كثيراً في الفترة الماضية .. هل نمتنع و نقاطع نظامنا مثلاً و نمتنع عن مشاركتنا السياسية أو محاولات الإصلاح لطالما لا نؤمن بالفكر الإصلاحي ؟! أم نقدر و نثمن كل محاولة إصلاحية حتى يأتي تغييراً جذرياً للمنظومة بإيدينا إن شاء الله و نسود هذا العالم و نعيد أمجادنا و إستقلالنا و ريادتنا و إعلاء شأن الإنسان و جعله هو الغاية و ليس الوسيلة .. بل يجب أن نشارك إصلاحياً أيضاً فنحن جزء من هذه المنظومة في كل الأحوال طالما نأكل و نشرب و نعمل و ندرس! .. و ألا نحقر من المعروفِ شيئاً .. بل نقم بكل محاولة من أجل الإنسان ؟
و قد جائتني الإجابة في حديث رسولنا الكريم صلوات الله و سلامه عليه

حيث قال المباركفوري في معنى سددوا و قاربوا : إن لم تستطيعوا الأخذ بالأكمل ، فاعملوا بما يقرب منه ، أي اعملوا بالسداد ، فإن عجزتم عنه فقاربوا أي اقربوا منه .
وقال الحافظ : أي لا تفرطوا فتجهدوا أنفسكم في العبادة ، لئلا يفضي بكم ذلك إلى الملال فتتركوا العمل ، فتفرطوا.

نعم سنقارب و نسدد يا رسول الله ، فلن نوقف الحياة حتى نصل لما نرنو إليه يوماً بتغييرٍ جذريٍ و نصر مبين، بل سنتحرك دائماً من أجل الإنسان مُبتغين وجه الله و إعلاء شأن دينه، بجانب تحركنا توعوياً بكل الطرق من أجل اليوم القريب .. و التغيير الجذري.. حينما يأذن الله بأمره ووعده لمن نصره "و لينصرن الله من ينصره" ..
فاللهم أجعلنا من خاصتك.. و أعِنا يا رب العالمين.


إشتقتُ إليك يا رسول الله.